ود أب زهـانـة شخصية عاشت أيام المملكة السنارية واكتسبت شهرة من كثرة ما نسب إليها من اقوال تدعـوا إلى التبطل وتستخف بالعمـل وكان تاثيره على المجتمع المحيط به قد بلغ حداً أفرز جيلاً من الاتباع الذين سعـوا لتأخير عجلة الحياة بإتباع سبيله وقد أدرك ( شيخنا ود تكتوك ) ما يكمن وراء أقـوال ود أب زهـانة من خطـر على المجتمع ولا سيما أن الشيخ فرح عـاصره في السنوات الاخيرة من عمره .
ولم يكن في ذلك ما يستغرب فقد كان الشيخ فرح حربا على المشايخ المتبطلين . بل حتى على الحكّام غير المستقيمين فقد نقدهم ووجههم .
إسم ود أب زهانة :-
تزعم الروايات الشفهية أن ( المنسدح حمـد المنسدح ) هـو الاسم الاصلي لي ود اب زهـانة . ويعتبر والده من الأثرياء المعدودين حيث كان يملك عديدا من قطعان الماشية، الابل ، البقر ، الضأن ... الخ .. ووالده يدعـى ( حمد المنسدح ) المكنى بي أب زهـانة . والسيده " زهـانة " هي كبرى كريماته فكنى بها وانتقل الاسم لابنه عن طريق الارث والشهرة فصار المسندح بن حمد المنسدح هـو المعروف بود أب زهانة .
شخصيته :-
عاش حياة الاثرياء مما جعل كلمته ومكانته الاجتماعية تلقى الاحترام وقيل انه كان وسيم خفيف الظل مرح سريع الخاطر ( وبدين بدانة مفرطـة ) . وعيوبه أنه سميع ويصدق أي كلام يقال عنه أو له حتى إذا كان كذباً .
إذا قيل له أنت أكبر من ملك سنار لصدّق . وإن قيل له إنت أعلم من تاج الدين لم يشك في ذلك .
تزوج ود اب زهانة نساء كثر منذ أن بلغ سن العشرين و أنجب كثير من الابناء ولكن حدثت كارثة لسنار مجاعـة وأوبئية وحروب فتشتت ابنـاءه وتوزعوا بالمناطق . واصبع يعيش على الشخصية التي كانت الناس تلتف حولها وتحبها بعد ما فقـد كل شئ . إلا نسـاءه ..
اقواله الشهيرة :-
اقوال مثبطـة للهمم تدعـوا للكسل
نذكر منها ..
قيل أنه يقوم من النوم يفتتح يومه بالصلاة " متأخراً " ثم يتناول " 7 فناجين قهـوة " وبعـدها يحـوّل سريره إلى ناحيـة " ضلّ الضحـى " ويدخل في نوم عميق ويقول أنه يطول العمـر وأصبح مثلاً
" نـوم الضحـى يطول العمـر "
ويصحـوا صاحبنا عند إنكماش الظل متثاقلاً فتجهز له زوجته دابته فيركب عليها متجها لبيت زوجته الأخـرى في طرف القرية .
فيترجل عن دابته ويدخل " الراكوبة" ويجد " العنقريب الهبابي " جـااااهز لينام فترة يستجمع فيها قـواه وتحضر له زوجتـه القهـوة " قهـوة النهار " فيرشفها رشفاً حتـى الفنجان السابع ثم يتناول الغـداء ويضجع وهـو يردد العبارة المشهـورة التي صارت مثلاً
" مــــن تغــدى تمــّدى " وله رواية أخـرى
" مـن تغـدى تمـدى ولـو الحـرب دائرة "
نواصل مع ود اب زهانـة وعـدم الموضوع عنـده ههههههههه
برنامجه ما بعـد الظهـر ....
يصحوا عند اصفرار الشمس فيطوف على بيوت الجيران يتحدث في أحقر الامور ( شمارات ) فلانه وضعت وفلانه حامل ، وتلك طلقوها وأخرى خطبوها ( ساكت عـدم موضوع بس منه هاهاهاها ) إلى أن يدركه المغرب ثم يتحرك جاراً رجليه جراً نحو مجلس الشيوخ في ساحـة " الخلوة " فيسلم عليهم فردا فردا .
ويسال عن شئ " لا يخصـه ولا يهمه " فالحرج الذي يتعرض له السائل أو المسئول لا يقيم له وزنا .. يعني ( زول بارد ) .
ذات مرة جرى بينه وبين " الَبَـو " هـذا الحـوار :
الَبَـو : أرضـك من الذي يزرعهـا .؟
ود اب زهانـة: أزرعـها أنا وأولادي .
الَبَـو : أرضـك عـرضـة للجفـاف .
ود اب زهانـة: يطلق حكمـة من حكمـه " من سكّاها ما لحقهـا "
وينتزع زمام الحديث من البـو .. أسمع ياخي الدنيا من خلقوها الناس تزرع و تخدم ماذا فعلوا .. ما سمعـت بالمثل :
البجري جري الوحوش غير رزقـه ما بحـوش ".
أنا يا إبن العـم تعبان على شنـو " الحـي رزقـه حـي "
وربنا عايش الدودة بين حجرين ( وربنّا ما شقّ حنكاً ضيعـوا )
أنا واله مؤمن بالقدر ولا أريد أن أتعتب جوارحي الوادي شرب ود أب زهـانة قـوم للزراعـة . قـام عليكم البـلاء !
تزرعـوا من زمن حفروا البحر عملتوا شنـو ؟ يا ناس خليكم مؤمنين ....
ثم ينفض المجلس ويتحرك نحـو دار زوجتـه الثالثـة لان دارها أقرب إلى الخلـوة . ( أي بيت الضيافـة ) فيتعشـى ويخالف القـاعـدة المشهـورة بعـد العشـاء لان المثل بقـول من ( تعشـى تمشـى ) معاكسات ساكت منه ... فيضّجع ود اب زهانة ويغط في نومـه ولا يحركه إلا لفح حرارة شمس الغـد مع غثـاء الشياه وخـوار الأبقـار فيلعـن أبو الحيوان ويطلق حكمـة أخرى وهـو يتمطـى من تعب النـوم ... الخ
ويقــول ( النــوم خــريف العــين )
****
نخليكم مع النوم ونواصل في وقت لاحـق بإذن الله ...
نواصل
هذا وبعـد أن تضعضع ماله مال نحو الاستدانة فكان يقترض الماشية والنقود ويدفعها لمن يشكّرونه أو يعـدونه بالزواج ومن ضمن توجيهاته لابنائه وأصدقائه :
من أقواله حول الدين
إدين وأتبين
الدين فـوق الكتوف والأصل معروف
كان كترت عليك الهمـوم أرقـد نـوم ( أدمدم نـوم )
وقـال ايضـاً
أكل عجبك ، وألبس عجب النـاس
رزق الليـل ضيّق
وقـال
الصـبر ضـل النـبي
هذا وشـاعت حكاوي ود اب زهـانة وقصصـه وصـار شخصيـة مثل جحـا - وأشعـب أو ود نفاش ( المعروف موسى نـاصر عاش في أم درمان وكان نكته زمانه ) ... ثم اضاف المجتمع السنـاري في أخريات ايامـه بعـداً جديداً لشخصيـة ود اب زهـانة عـدوه من الصـالحين وما أكثرهم في ذلك الزمانة ، ثم أتى جيل لـون شخصية أب زهانـة حسب مزاجـه وتصّوره وسمعنا نحن ابناء هذا الجيل الذي عرف الفنادق واللكوندات المثل المنسوب لود أب زهانة :
( ياكل في اللكونـدة وينـوم في الجامع )
ومثل ما ذكرنا ان فترته هذه صادفت حكيم زمانه الشيخ فرح الذي كان متابع لامثاله وفندها علميا وعملياً فكان عندما يسمعها يدفعها بمثل هذه الاقوال :
الاســتراح راح
الشـقا لـقـا
ومن كـدّ وجـد
إلى آخـر أقـواله مما يصنعه هو ومما قاله السلف الصالح ومن الأمثلة التي وجدها شائعـة بين الناس في ذلك العـهـد :
السـاعـة ولا الـزراعـة
المعنـى أن قيام السـاعة أهـون من العمل بالزراعـة فسأل الشيخ فرح عن منشأ هذا المثل فقيل رعـاة الابل فـرد عـلى قولهم ساخراً من حديثهم .
( من حكم الشيخ فرح يرد على أب زهـانة )
الجّمـّالة
الدُنـيا عـدّوهـا جـوالة
والآخرة فاتوها بي حـالها